الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

ياميش خسارة

  • بقلم د. محمود عمارة ٢٢/ ٨/ ٢٠١١
    ----------------------------------------------

    استأذنت صديقى المستشرق الفرنسى الذى حدثتكم عنه بالمقال السابق، والعاشق لمصر، أن أصطحبه معى إلى الصحراء الغربية.. بعد أن تلقيت مكالمة من عضو المجلس العسكرى اللواء، طارق المهدى، الذى أصبح «محافظاً للوادى الجديد».. يطلب منى الحضور لمعاونته فى إيجاد «أفكار، ومبادرات، ورؤى» للنهوض بالمحافظة التى تشغل٤٤% من مساحة المحروسة..، ولا يعيش فيها سوى ٢٠٠ ألف نسمة (يعنى شارع بشبرا)..، وأغلبهم يعمل بوظائف حكومية..، والأدهى والأَمر أنهم يستوردون الخضار، والفاكهة من أسيوط!!

    لقاء بمكتب المحافظ ومعه مديرو الزراعة والاستثمار والخدمات..، لأطرح ما فى جعبتى من أفكار، ومبادرات بعد زيارة سريعة للأماكن، وللإمكانيات المتاحة من بنية أساسية معظمها معطل، وليست أكثر من مبان عملاقة، وشعارات شكلية، ويافطات عريضة لمبان فخيمة لا تنتج شيئا للمجتمع.. ثم لقاء مع الشباب بقاعة المحافظ لأسمع وجهات نظرهم، وآراءهم وأسئلتهم، وبدأنا الحوار، وانسابت الأفكار:

    أولها: مشروعات صغيرة، وسريعة العائد للشباب بتكلفة بين٢٠ و٣٠ ألف جنيه، تدر عائداً شهريا لا يقل عن ألف جنيه فى «المناحل»، لوجود أفضل بيئة بلا أدنى ملوثات لتربية النحل، ولديهم «أنقى» أنواع الملكات العالمية، وفى قطاع تربية الطيور، والحمام، والأرانب، والخراف، وفى شتلات النخيل، والصوب الزراعية لإنتاج خضارهم بدلا من استيراده و... و... و...، برعاية وتمويل الصندوق الاجتماعى!!

    ثانيها: عندما اشتكى لى المحافظ من المستثمرين لأنهم يستخدمون التكنولوجيا، ولا يوظفون عمالة من الشباب، اقترحت عليه «النموذج السودانى» بأنه عندما يخصص أرضاً للشركات تلتزم الشركة باستصلاح٢٠% من المساحة، وتعيد تسليمها للمحافظة بها الآبار وشبكة الرى وجاهزة للزراعة لتوزيعها على شباب المنطقة، وبالتالى وبما أنها ملاصقة لأراضى المستثمر، فسوف يستفيد الشباب من التكنولوجيا، والخبرة، والإمكانات، وبالقطع سوف يتعاون معهم بعقود مسبقة لمنتجاتهم لتصديرها وتسويقها ليصبح من مصلحته الإرشاد بالإشراف عليهم، وبهذا نحل هذه الإشكالية ولا نترك الشباب وحده بخمسة فدادين يغرق بها ثم يضطر لتسقيعها وبيعها!!

    ثالثها: منطقة العوينات: يمكن أن تصبح فى ٣ سنوات أكبر مزرعة لحوم، وجلود، ودباغة وتصنيع أحذية، وجواكت، وأحزمة، وشنط حريمى فى أفريقيا كلها..، بدلاً مما يحدث الآن من ترك الشركات العربية والمصرية تستنفد المياه الجوفية بزراعة «البرسيم الحجازى» لتجفيفه وتصديره كأعلاف لبهائم الخليج، ونحن نستورد اللحوم بحجة «ندرة المياه»، ونقص الأعلاف!!

    أليس هذا «سفهاً وجنوناً» لا يصلح معه سوى «الحَجْر علينا»؟؟..، ولماذا لا نزرع نحن هذا البرسيم، ونربى مواشينا وأغنامنا على ناتجه، ليتم ذبحها، ودباغة جلودها بالمواصفات العالمية، وبالاستعانة بالخبرات التركية والمغربية والإيطالية فى الدباغة، وتصنيع الجلود؟..، ولماذا لا نستورد من تشاد على الحدود مع الوادى الجديد.. نستورد منها ومن السودان وإثيوبيا ومن كل منابع النيل لنذبح وندبغ ونقيم أعظم منطقة صناعية فى العالم للجلود واللحوم؟!

    رابعها: نحن نستورد بـ«ستة مليارات جنيه» دخاناً من تركيا وهى دولة إسلامية ومن غيرها، و«محمد على» المسلم هو الذى نقل لنا القطن والتبغ، وكنا إلى عهد قريب نزرع احتياجاتنا من التبغ، ونصدِّر للعالم.. فلماذا لا تزرع المحافظة (ولديها مراكز للبحوث، وجهاز لتعمير الصحارى، والأرض البالغة ستة ملايين فدان طبقا لما هو وارد بالكتاب، والمناخ، و٣.٤ مليار متر مكعب مياهاً جوفية يمكن سحبها سنويا (أى ما يعادل كل ما تملكه إسرائيل ٢ مليار والأردن ١ مليار)، وبالتعاقد المسبق مع الشركة الشرقية للدخان، وهى تقوم بالتمويل، وباستقدام الخبراء، وبهذا نوفر ٦ مليارات جنيه سنويا، ونخلق فرص عمل للشباب، والعائد من الفدان فى الدورة الواحدة يصل إلى٥٠ ألف جنيه. يمكننا بهذه الأرباح أن نستصلح ونزرع كل ما نحتاجه حتى إذا وصل عدد السكان إلى ٥ ملايين.

    ولكل من يعترض، بحجة أن الدخان حرام، أسأله: وهل استيراده «حلال»؟!

    خامسها: مهاتير محمد: كان أول قراراته للنهضة هو: زراعة ٥ ملايين نخلة لإنتاج الزيوت، وبعد خمس سنوات أصبحت ماليزيا أولى دول العالم فى إنتاج زيت النخيل، فلماذا لا نزرع خمسة ملايين نخلة من أجود أنواع التمور مثل: البرحى، ودجلة نور، والمادجول، وهى المطلوبة بالأسواق العالمية، والتى يصل سعر الكيلو فى بعضها إلى٢٠، و٣٠ يورو.. بجانب الأنواع المحلية التى تستهلكها السوق المحلية، وهل يوجد «طقس» أو مكان أفضل من الوادى الجديد لزراعة مثل هذه الأصناف؟!..

    ولماذا لا نصبح مخزن العالم للتمور، ولعسل التمور، ولصناعة الجريد، وغيرها لنجذب ٢ مليون بنى آدم بهذا القطاع فى الزراعة والحصاد، والفرز، والتعبئة، والتغليف، والشحن والنقل والتصدير..، «تمر سادة، وتمر بالفستق، وبالبندق، وباللوز، وبعجينة اللوز، وبالملبن، وبعين الجمل».. كما يحدث فى المغرب وتونس وحتى تركيا، ولماذا لا نزرع مساحات واسعة من «التين البرشومى» الأبيض، والأحمر لتجفيفه، وتصديره، مع وجود التربة الجيرية المشابهة لأرض الساحل الشمالى مع احتياجاته القليلة جداً من الماء سننتج أفضل الأنواع.. ويصبح لدينا كل أنواع التمور + كل أصناف التين، وماذا لو زرعنا أيضا على الساحل الشمالى «اللوز»، والبندق مع التمر، والتين المجفف لنصبح أولى دول العالم فى تصدير «ياميش رمضان».. وياميش خسارة عندما نعرف أن مصر استوردت هذا الموسم بـ١١مليار جنيه «ياميش» لرمضان!!

    باختصار ولضيق المساحة:

    المحافظ الجديد.. بما يملك من نشاط، ورغبته العارمة فى النجاح، وبالمقومات والبنية التحتية الموجودة + العنصر البشرى لأهل الوادى الجديد الذى أعجبتنى ابتسامتهم، إصرارهم، واشتياقهم للنهضة، وبما لديه من خطوط مفتوحة مع المجلس العسكرى لدعمه، ومساندته، وبمشورة الخبراء بكل المجالات.. لديه فرصة ذهبية، وللوادى الجديد فرصة تاريخية لإحداث «طفرة» بهذا الإقليم ليصبح نقطة مضيئة، ومفخرة لنا جميعا.. خاصة أن هناك «ثروة معدنية هائلة» + طاقة شمسية خيالية تكفى احتياجات أوروبا كلها الباحثة الآن عن الطاقة المتجددة والنظيفة، ناهيك عن الفرص السياحية المتعددة من الرمال البيضاء إلى المياه الجوفية العلاجية و... و... و... إلخ.

    وفى طريق العودة، سألت صديقى المستشرق عن رأيه فيما رأينا وسمعنا، قال: ومن يختلف على الإمكانيات الهائلة التى تملكونها؟!.. فهى تكفى لنهضة القارة الأفريقية بأكملها.. ولكن السؤال: متى ستبدأون والوقت من ذهب كما تعرفون؟!

    وأنت تعرف رأيى، ومراهنتى الدائمة على «أحفاد الفراعنة» فلا تخيبوا ظنى حتى لا أخسر الرهان!!

    والآن: ما رأيكم، هل سيكسب الرهان؟!

    french_group@hotmail.com

سحور فرنساوى ورسالة للجميع


  • بقلم د. محمود عمارة ١٥/ ٨/ ٢٠١١
    ---------------------------------------------

    هل تذكرون حواراتى السابقة مع «المستشرق الفرنسى» العاشق لمصر، والمولع بتاريخها وحضارتها شأن كل الفرنسيين.. والتى نشرتها على نفس الصفحة؟

    الأول: قبل الثورة بستة أشهر وبالتحديد يوم ٢١ يونيو ٢٠١٠ بعنوان «حوار مع مستشرق»، وكان يتحدث عن كيفية الخلاص من مبارك وابنه وحاشيته، بطريقة سلمية وآمنة بأقل تكلفة.. تفادياً «للكارثة» التى يمكن أن تحدث نتيجة للفوضى والفساد، وثورة الجياع التى مازلت أحذر منها حتى اليوم!!

    والثانى: بعد ٤٤ يوماً من الثورة، فى ١٤ مارس ٢٠١١ بعنوان: «دروس الثورة الفرنسية».. وكان رسالة إلى شباب الثوار، تحذرهم من الانقسام، ومن التخوين والاتهامات، وتصفية الحسابات، ومحاولة البعض لخطف الأضواء والبحث عن الزعامة، ومن طول الفترة الانتقالية التى ستؤدى إلى الانهيار الاقتصادى فينقلب الشعب عليهم، وتتطور الكراهية لتصل إلى حد «إعدامهم بميدان التحرير»، كما حدث «بالباستيل» عندما «أعدم الشعب الثوار» بنفس المقصلة التى قطعوا بها رأس الملك وزوجته وحاشيته من النبلاء، وقد أثبتت الأيام أن كل ما قاله يتحقق على أرض الواقع، وليؤكد أنه أحد «الفاهمين جداً» لحركة التاريخ الثورى، وتطلعات المجتمع المصرى، وأدعوكم للرجوع إلى النت لقراءة المقالين لتتأكدوا من المصداقية، والشفافية، والصراحة المطلقة!!

    وعودة لموضوع اليوم.. عندما تلقيت «دعوة شخصية» من صديقى المستشرق، للسحور بمسكنه المطل على ميدان التحرير، وأقول «سحور فرنساوى»، لأنه بدأ بوضع المأكولات أمامنا تمام العاشرة مساءً، لالتزامه بميعاد النوم قبل منتصف الليل حتى يبدأ نهاره مبكراً، ولأن السحور كان فقيراً بالمقارنة بالسحور الشرقى المكدس بالمحاشى واللحوم والفول والطعمية والطرشى والحلويات.. «سحور فرنساوى» عبارة عن: طبق به (قطعة توست أسمر + بيضة مسلوقة + قطعتان من الأجبان الفرنسية الشهيرة + كوب زبادى).

    ولكن الثراء والكرم جاءا فى «الحوار» الذى استمر لساعتين، ولم يبخل فيه بنصائحه وآرائه، وعلى طريقة الفرنسيين بالجهر بالحقائق بعيداً عن اللف والدوران، وبانفعال وخوف على مصر، وكأنها بلده، رغم أنه لم يعش بها أكثر من ٤ سنوات.

    وللأسف أنه قرر مغادرتها خلال ٩٠ يوماً إذا استمر الحال على ما هو عليه من غياب أمنى، وفوضى، وبلطجة، وثأر، وانتقام، وتنكيل، واعتداء يشكل خطراً على حياة الأجانب، خاصة أنهم تلقوا رسائل من الخارجية الأوروبية والأمريكية تحذرهم، وتدعوهم لإعادة أبنائهم، وألا يستمر فى مصر سوى من تجبره وظيفته، أضف إلى ذلك رعبهم من حوادث المرور، ونزيف الأسفلت.

    معظم الموجودين أجانب من مراسلى الصحف والوكالات، ومن موظفى الشركات المنفذة لمترو الأنفاق، بعد ١/٢ ساعة انتحينا جانباً ليبدأ الحوار (بالعربية المكسرة أحياناً، وبالفرنسية غالباً.. وبدأ بانفعال وغضب متسائلاً: مون شير «يا عزيزى»:

    أنت تعرف أننى راهنت على أحفاد الفراعنة، عشرات المرات، وكررت أنكم قادرون على بناء دولة حديثة، قوية، تقود المنطقة، وتستعيد مكانتها التاريخية، بعدما أذهلتم العالم «بثورة سلمية» أسقطت الديكتاتور وحاشيته فى ١٨ يوماً.. فكيف تسمحون لأنفسكم بعد هذا الإنجاز الهائل بأن تتشرذموا، وتتنابذوا، وتنكلوا ببعضكم، ثم تتخندقوا وتنقسموا، وأصبح كل واحد فيكم لا يهمه سوى مصلحته الشخصية بالبحث عن زعامة كاذبة، أو فرصة سخية، وتتركوا «أعداء الثورة» يجمعون شملهم، ويجذبون البسطاء بالملايين لينقضوا على الثورة التى خطفها السفهاء، وكأنكم تعيدون سيرة أعراب الصحراء فى الجاهلية عندما كانوا يتشاجرون بمجرد تحقيق النصر، ليقتسموا الغنائم والجوارى، فيعطوا الفرصة لأعدائهم بالالتفاف عليهم وسحقهم وأنتم لستم «أعرابا»، ولكنكم أحفاد الفراعنة الذين يحوزون احترام العالم كله.. فماذا جرى لكم؟

    قلت: هذه أول مرة أراك فيها بهذا القدر من «الخوف والفزع»، وفقدان الثقة بالمصريين الذين دائماً كنت تراهن عليهم لمجرد أن الثورة تمر بانتكاسة، وأنت تعلم أن كل الثورات مرت بانتكاسات، وهذا ليس أمراً شاذاً أو مستبعداً؟

    قال: أولاً: اسمح لى.. أنا وأنت، والكل يعرف أن، هذه «الثورة المصرية» استثناء، وحالة خاصة فى تاريخ الثورات.. فكل «ثورات العالم».. اعتلى فيها الثوار سدة الحكم، وأمسكوا بزمام الأمور.. وما يخيفنى أن من يحكم الآن لا شأن لهم بالثورة أقصد «بالروح الثورية»، و«الحالة الثورية» القادرة على التغيير الجذرى لنظام فاسد، بائد، متعفن، وبناء نظام جديد نقى طاهر، ونظيف، يجذب إليه ملايين المصريين ليؤيدوه، ويؤازروه، ويتعاونوا معه، فينجح فى بناء دولة عصرية حديثة.

    ثانياً: فى كل الثورات.. كانت هناك المنظومة الأمنية التى يتم تطهير رؤوسها فقط، وبما أن الإصلاح سيشملها وستقتسم ثمار الثورة فتجدها فى خدمة الشعب فوراً، لكن هناك إحساساً عاماً لدى كل شرطى مصرى بأنه مهان، ومتهم، وأن الجيش خطف منه الضوء، وبما أن الجيش هو الذى يحكم فالشرطة لن تتعاون معه إلا إذا أعيدت لهم كرامتهم، وحقهم، وبعض الأضواء التى يستحقونها!!

    ثالثاً: بما أن «المجلس العسكرى» غير مؤهل لإدارة شؤون بلد بحجم مصر، فأداؤه مرتبك، ومهزوز، وملتبس فيظهر وكأنه متواطئ فيساهم فى الانقسام والتشكك، وبما أنهم جزء من النظام السابق فسيظلون دائماً فى دائرة الاتهام والريبة.

    رابعاً: «الحكومة» التى تدير شؤون البلاد.. بعيدة تماماً عن شكل وأداء الحكومات الثورية، لهذا تجد هنالك عدم ثقة، وفقداناً للأمل فى الإصلاح، والمحافظين: أغلبهم لا يصلحون نهائياً لإدارة شعب «ورث» الجهل والفقر والمرض بكل تداعياته، وليس لديهم أى «أدوات» أو «آليات» لتحقيق أى تقدم يذكر.. ولا يجرؤ أحد فى الحكومة، أو المحافظين أو كبار وصغار الموظفين على اتخاذ قرار أو حتى التوقيع خوفاً وتحسباً للمساءلة القانونية، لهذا تجد الدولة مشلولة وعاجزة!!

    خامساً: لديكم أسوأ منظومة تشريعية فى الكون، ونظام بيروقراطى هو الوحيد فى العالم الذى استمر من أيام الدولة النهرية العتيقة التى تخشى التغيير، وتقاوم التحديث، وهذه «البيروقراطية» الضاربة فى الأعماق، والراسخة، والمهيمنة كفيلة بإفشال أى عبقرى، حتى لو اجتمع كل الحائزين على «نوبل» ومعهم كل علماء وخبراء العالم.. والحل هو حرق كل القوانين والتشريعات واللوائح البالية، واستبدالها بمنظومة حديثة ومتطورة تساعدكم فى بناء مصر الجديدة التى تحلمون بها!!

    باختصار: أنتم تحتاجون إلى «ثورة إدارية» لإنجاح ثورة ٢٥ يناير.

    وبدون «ثورة إدارية فورية»، وبدون الروح الثورية فى إدارة شؤون البلاد فسوف تظل ثورة ٢٥ يناير فى الحقيقة ليست ثورة، ولكنها ثورة إلا ٣/٤، مثلها مثل الثورة التونسية بالضبط!

    ونستكمل الحوار الاثنين القادم بإذن الله.








  • موضوع [ حوار مع مستشرق ]
    http://www.facebook.com/topic.php?uid=8486011047&topic=14865

    موضوع [ دروس الثورة الفرنسية ]
    http://www.facebook.com/topic.php?uid=8486011047&topic=16494

الخميس، 11 أغسطس 2011

«كندا».. هى الحل ‏


  • بقلم د. محمود عمارة ٨/ ٨/ ٢٠١١
    -----------------------------------------------


    أرجوك اقرأ هذا المقال الذى نشر بالصفحة نفسها، منذ خمس سنوات بتاريخ ٢٥/٩/٢٠٠٦.. وللأسف مازال هذا الكلام نفسه صالحا حتى الآن!!

    لا أجلس مع أى «ثرى» مصرى إلا ويسألنى عن كيفية الحصول على «جواز سفر كندى» ليس حبا مفاجئاً لـ«شلالات نياجرا» ولا عشقا لشتائها الجليدى الطويل المظلم، ولكن لأن مصر الشمولية ـ باعتمادها على «النظام البوليسى» فى مواجهة معظم المشاكل، وفى ظل غياب رؤية واضحة للمستقبل السياسى ومن «سيحتل» الكرسى الكبير مستقبلا - أصبحت بالنسبة لهم «مخيفة» بل «هوبلس كيس»، وبما أن كندا هى أكبر دولة فى العالم مساحة، وعدد سكانها ٣٠ مليونا، وبها أفضل نظام تأمينى - صحى - اجتماعى عادل، ومن أوائل دول العالم احتراما للإنسان، وأوفرها «فرصا» فى الاستثمار والاستمتاع، وبما أن بقية دول العالم الأول أغلقت أبوابها وشبابيكها أمام الهجرة العربية بعد اعتداءات سبتمبر فى نيويورك، وهجمات لندن، وتفجيرات مدريد - لكل هذه الأسباب طفت «ظاهرة» البحث عن جواز سفر كندى، وللحصول عليه لا يشترط سوى:

    ١- وديعة بأحد البنوك هناك بما يعادل ٦٠٠ ألف دولار كندى، أى ٥٥٠ ألف دولار أمريكى، مجمدة لمدة خمس سنوات.

    ٢- إقامة «مشروع» يخلق فرص عمل لـ٣ «ثلاثة» كنديين.

    ٣- الزواج من كندية، باعتبار أن عدد «الإناث» هناك يقرب من ضعف عدد «الذكور»، والحكومة الكندية شغلها الشاغل إسعاد مواطنيها نساء ورجالا.

    ولا أدرى لماذا أتذكر بعد كل حديث عن «الباسبور الكندى» المقولة الشهيرة للدكتور حسن خضر، آخر وزير للتموين فى مصر، عندما طالب الحكومة بزراعة مليون فدان قمحاً فى كندا بدلا من استيرادنا ٧.٥ مليون طن سنويا، وكيف هوجم من الإعلام، وشبع «تريقة» من رسامى الكاريكاتير، وكان رأيى وقتها أن هذا الرجل عبقرى، ومكشوف عنه الحجاب .. لماذا؟

    لأنه بوجوده داخل المطبخ السياسى لمدة طويلة، اكتشف وتأكد وآمن بأن «حكوماتنا» عاجزة عن توفير المناخ الصحى الجاذب لاستثمارات عالمية أو عربية، وأن مصير القطاع الخاص الناشئ فى ظل نظام «متهرئ» ومناخ «فاسد» سوف يجىء يوم ويتوقف ويهرب من «الخوف» و«القلق» عندما تحدث «المجاعات»، تليها الاضطرابات لمدة خمس سنوات.

    وبناء عليه، كان د. حسن خضر، المكشوف عنه الحجاب، «يرى أن أثرياء مصر سوف يهاجرون حتما إلى كندا بأموالهم وخبراتهم».. فلماذا لا نضرب عصفورين بحجر واحد؟

    أولا: كل «ثرى» مصرى يرغب فى الهجرة إلى كندا، ليحصل على «الباسبورت» عليه أن يفتح مشروعا يستزرع ألف فدان «قمح» أو يزرع «كانولا» لاستخراج الزيت الذى نستورد منه ٩٠% من استهلاكنا السنوى.

    وبما أن سعر الفدان هناك «٥٠٠» خمسمائة دولار، وتكلفة الاستزراع على الأمطار هى «٢٠٠٠» ألفا دولار، والعائد السنوى من الزراعة + تربية النحل والأغنام على المراعى المحيطة المجانية يصل إلى خمسة آلاف دولار معفاة من الضرائب لمدة خمس سنوات + حصوله على دعم لكل «خروف» ٥٠ دولارا، ولكل «عجل أو بقرة» مائة دولار + دعم للتصدير بالقيمة نفسها.. إذن سيسترد استثماراته الإجمالية من أول سنة، وهذا لا يحدث سوى فى كندا!!

    ثانياً: كل «ثرى» ليستزرع ألف فدان سيحتاج مهندسين ومشرفين وعمالاً بالقطع، سيستقطب مصريين فى حدود «خمسين»، وبالتالى إذا تصورنا أن هناك «مليون ثرى مصرى راغبين فى الهجرة إلى كندا×٥٠ = خمسين مليون مصرى سيهاجرون إلى كندا، ليبقى فى مصر ذوو الاحتياجات الخاصة، و«الخرس» الذين لا يسمعون ولا ينطقون، ولا يشاركون فى مظاهرات تقول: «كفاية».. «مش هنسكت».. «شايفينكوا» يا حرامية.

    وفى الحالتين ستستريح الحكومة من «قرف» المصريين وقلة أدبهم، كما يمكنها أن «تشحت» بسهولة على العشرين مليون الباقيين: معونات - هبات - مساعدات «تنغنغ» هؤلاء «الباقيين» وستعمل الحكومة جاهدة لإسعادهم وإرضائهم حتى لا يطلبوا من «أقرانهم» المصريين الكنديين «الجدد» الضغط على حكومة كندا وتمنحهم جميعا «باسبورتات» ليبقى فى مصر فقط عصابة المائة لا تجد من يحكموه أو يتحكموا فيه ولا يبقى لهؤلاء «القراصنة» سوى فتح أبواب الهجرة لمصر أمام أبناء دارفور وإخواننا من «بنجلاديش» و«سيراليون».. وهكذا «نغير» شعب مصر بعد أن فشلنا وعجزنا عن تغيير النظام الذى «سيورث» الجمهورية، ولكن «بالقانون»، والترزية جاهزون للتفصيل على المقاس «وكله بالقانون»!!

    باختصار: هذه «الظاهرة» ـ ظاهرة البحث عن «باسبورتات» كندية ـ هى تعبير عن حالة الخوف والقلق الذى يعيشه الآن أغلبية القادرين ومن يملكون «ترف» الاختيار.

    ورأيى الشخصى بعد تجربتى الطويلة فى بلاد المهجر أن الحياة فى مصر، رغم كل «المنغصات» و«وجع القلب» و«القرف» من سلوكيات بعض البشر، ومن «المناخ» الفاسد الذى صنعه النظام «تراكميا»، ومن غموض المستقبل وعدم الشفافية والتعتيم.. تظل الحياة فى مصر بلدنا أفضل من الحياة فى أى بلد آخر. «صدقونى».. فقط علينا الإصرار على التغيير، وألا نيأس أبدا، ويتحول كل منا إلى «نملة» فى أذن «الفيل»!!

    وللأسف، عاد هذا السؤال من جديد، والكل الآن باحث عن باسبور أجنبى.. فما هو قولك: هل أنت من الباحثين عن جواز سفر كندى حتى بعد الثورة، أم أنت جالس معنا مهما زادت حالة الفوضى والبلطجة والخوف.. ومهما كانت حالة الضعف والهزال والشلل الحكومى.. ومهما استمرت حالة الالتباس والتخاذل والارتباك بالمجلس العسكرى.. ومهما استمرأ الشعب حالة الكسل، والفهلوة، وعدم الانضباط؟!

    ملحوظة: مازلت عند وعدى بكتابة «السيناريو الأبيض» بعد العيد مباشرة.

الجمعة، 5 أغسطس 2011

حوار مع سائق تاكسى‏

  • بقلم د. محمود عمارة ١/ ٨/ ٢٠١١
    ---------------------------------------------

    منذ بداية الأيام الأولى لثورة ٢٥ يناير وأنا أستخدم «التاكسيات» كثيراً فى تنقلاتى، والغرض هو: التعرف على ما يقال بالشارع، ورأى الناس، وسماع الشائعات بكل ما فيها من أكاذيب وحقائق.. وأحيانا أسمع تحليلات من سائقى التاكسى يعجز عنها معظم محللينا من فرقة المحتكرين للشاشات ليل نهار وهات يا زعيق، وهرتلة، وكلام مليان وكلام فارغ!!

    وها هو الحوار الذى دار أمس الأول مع «سائق» حملنى من التحرير إلى ما قبل «طرة»، عند المدخل الثانى للمعادى:

    السائق: أنا شفت حضرتك قبل كده، مش عارف فين؟.. عموماً أنا كان راكب معايا قبل سيادتك راجل كبير، وشكله بيفهم أوى فى السياسة، وقعدنا من مصر الجديدة لغاية التحرير نتكلم فى أحوال البلد، (على فكرة أنا معايا بكالوريوس تجارة)، بس الراجل دا قالى كلام جامد أوى، وعايز آخد رأى سيادتك فيه: هو صحيح «المجلس العسكرى» هيستولى على السلطة، ومش هيسيب الحكم؟؟

    قلت له بنرفزة: يا عم إنت راجل متعلم، ومتابع كل حاجة زى ما بتقول.. أمَّال الناس الجهلة تقول إيه؟.. إذا كان الجيش من أول يوم أعلن إنه مش طامع فى السلطة، وحتى المشير بعضمة لسانه قال: إحنا عايزين نرجع لشغلنا وثكناتنا النهارده قبل بكرة،.. يبقى إيه لازمة الإشاعات، والكلام الفارغ ده؟

    السائق: بالراحة عليا يا باشا.. أنا هعيد على حضرتك الكلام اللى الراجل قاله.. وقال لى: الأيام بيننا وبكرة هتشوف، وابقى افتكرنى. قال لك إيه؟ قال: إن الجيش اعترف إنه كان بيجهز لانقلاب على حسنى مبارك فى سبتمبر إذا حاول توريث الكرسى لجمال.. يعنى كان عندهم «خطة» يديروا البلد إزاى.

    قلتله: وبعدين؟

    قال: يعنى كانوا جاهزين ومستعدين ولا إيه؟، وأهى جتلهم الفرصة.. شوف بقى أول حاجة عملوها إيه: إنهم بدأوا بمغازلة «الإخوان» والتيارات الإسلامية، والدليل إنهم فى أول لجنة شكلوها جابوا رئيسها طارق البشرى، وكمان صبحى صالح، لأنهم عارفين إن الإخوان هيخافوا من تجربة ٥٤ بعد الثورة وخطورة الصدام مع الجيش، وجتلهم «فرصة العمر» إن الجيش أهه اعترف بيهم وإداهم أكتر من حقهم، عشان كده تلاقى «الإخوان» بكل تياراتهم مع المجلس العسكرى قلباً وقالباً، وهو محمى بيهم دلوقتى.

    وقاطعته: مهو كل دا معروف ومفيش عليه خلاف.. إيه الجديد؟

    الجديد: إن المجلس العسكرى بقى معاه «سند» كبير، واعتبر إن الاستفتا بـ٧٨% لصالح شرعيته وليس على التسع مواد، والدليل إنه بعد ما أخد الشرعية ضاف ٥٩ أو ٥٦ مادة من عنده لإحساسه إنه خد خلاص الشرعية يعمل زى ما هو عايز.

    يا عم إنجز:

    يا باشا حلمك عليا، وهقولك الراجل قال إيه كمان: كده، المجلس العسكرى بقى معاه الشرعية، وبقى معاه كمان كل التيارات الإسلامية اللى هيكتسحوا الانتخابات بكراتين الزيت والسمنة، وبالخدمات المجانية، وبالفلوس، وبالخطاب الدينى فى الجوامع اللى بيشيعوا فيها إن كل ثوار التحرير والقوميين والاشتراكيين والشيوعيين والليبراليين دول كلهم ضد الشريعة، وعملاء للغرب، وبيحاربوا الإسلام، وبيقبضوا من الأجانب، والمسيحيين كمان بيستقووا بالأمريكان.

    خد بقى الكلام الجامد: بيقول ماتنساش إن المجلس العسكرى فى خطته الانقلابية على جمال وأبوه كان لازم يبدأ «بكسر» الشرطة لأنها كانت مع جمال.. علشان كده أول حاجة عملوها إنهم سابوا الشرطة تقع، والأقسام تتحرق، وأمن الدولة يتمسح بيه الأرض، والشرطة عارفة وساكتة دلوقتى، لكن بعد شوية لما الخلافات هتزيد بين بعض الشباب المتهورين وبين الجيش، جايز يضربوا ضباط وعساكر الجيش فى الشارع، يبقى ممكن المضارين من قيادات الشرطة واللى أحالوهم معاش «هيطلعولهم» البلطجية ويندسوا مع الشباب وتحصل معركة مع الجيش، والموضوع يكبر ويفلت من الكل، وقاطعته: إيه يا عم الكلام ده؟.. فين السؤال؟

    السؤال: ماذا لو أن المجلس العسكرى إذا لقى إن البلد هتبوظ.. وأديك شايف.. البلد سايبة ومفيش دولة، ومحدش خايف من حد، والبلطجية واخدين راحتهم، والإخوان مع قرايب ونسايب الفلول هيكسبوا انتخابات مجلس الشعب، والاقتصاد فى الباى باى، والاحتياطى النقدى خلص.. هيحصل إن المجلس العسكرى بحجة إن البلد هتروح فى داهية إنه يؤجل انتخابات رئيس الجمهورية لسنة ٢٠١٤ اللى أصلا محددلهاش تاريخ.. وبعدين يبقى يشوف. وسألته: وإيه مصلحة المجلس العسكرى بأنه يحتفظ بالسلطة؟

    قال بتهكم: يعنى بعد تجربة أردوغان فى تركيا ومحاكمته للجنرالات هناك وكسر أنف الجيش، وبعد ما شافوا حسنى مبارك وولاده وحبيب العادلى ورئيس أمن الدولة يتبولون على نفسهم خوفاً من الإعدام.. وإن مبقاش فيه حد كبير ع الشعب.. وإن ممكن ييجى رئيس للجمهورية دكر، والشباب يطلع بالملايين فى الميادين يطالب بمحاكمة بعض أعضاء المجلس العسكرى لأى سبب، ده غير إن السلطة محدش بيسيبها بسهولة، وإدينى إنت مثل لجيش كان معاه السلطة وببساطة كده سلمها لمدنيين، خللى بالك أنا مابقُولشى إنهم طمعانين فى الكراسى.. لأ.. أنا بقول: إن البلد لما هتبوظ، (لأن كله سايبها تبوظ).. يبقى السيناريوهات كلها مفتوحة من تمويل أجنبى، عربى، تدخلات أمريكية، إسرائيلية. إقليمية، وأصحاب مصالح، مع قوة تيار الإخوان، وهزيمة ساحقة لممثلى الثورة، وإحساسهم إن الثورة اتخطفت منهم.. مع الصدامات والقتل اللى ممكن يحصل وقت الانتخابات، وتصفية الحسابات من الفلول والشرطة، والثوار، وحزب الكنبة، والمأجورين، والحمقى، والمجانين من بعض السلفيين يمكن إن الأمور تتعقد، وتتكعبل، فالناس تطلع تناشد الجيش يمسك البلد وبكده ميبقاش فيه رئيس.. ومن هنا لـ٢٠١٤ ياما فى الجراب يا حاوى؟؟!!.. ومين عالم إيه اللى ممكن يحصل ثورة ثانية وثالثة، ولا ثورة جياع تبقى آخر فصول المسرحية، ومين هيخطف المركب فى النهاية؟؟

    ونزلت من التاكسى وقلت بهزار: دا السيناريو الإسود اللى ممكن يودينا فى ٦٠ داهية.. لكن لو انتظرتنى فى نفس المكان لغاية بعد العيد، هقول لك السيناريو «الأبيض» اللى ممكن يودينا تركيا أو ماليزيا!!

    وكل رمضان وأنتم بخير!!

    french_group@hotmail.com

د.محمود عمارة [ والمنطق الإقتصادي ]