الأحد، 19 مايو 2013

« القمح » .. كداب يا خيشة !

د.محمود عمارة :  19 / مـــــايو / 2013 
-----------------------------------------------



كما تعلمون أن مرسى ما زال فى الغيبوبة بمستشفى سجن طرة ولم نستكمل التحقيق معه فى الـ28 جريمة التى ارتكبها بحق الشعب المصرى أثناء الـ14 شهراً التى حكم فيها البلاد والعباد كما جاء بالحلم ، اقرأ حلقات ليلة القبض على مرسى المنشورة بالأعداد السابقة ، لتعرف أن حلمنا واحد، وأن العد التنازلى قد بدأ ولم يبقَ له سوى بضعة أسابيع ويركب الحمار بالمقلوب فى ميدان التحرير!!
والآن أنشر عليكم رسالة أحد كبار المتخصصين فى شئون القمح والمسئول بهيئة السلع الغذائية، لتعرفوا مدى «الكذب» الفاضح الصارخ لوزير تموين الجماعة ورئيسه ورئيس رئيسه!!
بعد التحية..
لا أفهم كيف يتجرأ الرئيس مرسى ويعلن على الهواء دون أن يرجف له جفن، أن إنتاجنا من القمح هذا العام هو 9٫5 مليون طن، وبعضهم قال كذباً : إننا سنصدر أقماحاً خلال عامين أو ثلاثة !! وكيف تجرأ وزير التموين، رئيسى فى العمل، أن يتصدر مشهد إنتاج القمح، والقمح أصلاً تمت زراعته قبل وصول هذا الوزير لمنصبه ، وكان عليه فقط أن يقوم بدوره الذى يبدأ بعد الحصاد .. كان عليه :ـــ
1- أن يمنع أى استيراد للقمح بدأ من شهر فبراير حتى يجد الفلاح مكاناً لتخزين أقماحه فى الصوامع، التى تكدست الآن بالأقماح المستوردة التى دخلت الموانئ المصرية فى شهرى مارس وأبريل.. لنضطر الآن إلى تخزين أقماحنا عالية الجودة فى الشون «جمع شونة» الترابية المفتوحة للطيور والعصافير، والقوارض وعرضة لنمو البكتيريا التى تفرز سموماً تنهش أكباد المصريين!!
فلاح يحصد قمحه
2- أن يستعد بالأجولة الخيش السليمة بدلاً من الأجولة المهلهلة ،مصر تفقد سنوياً من 15: 20٪ من إنتاج القمح، مليون طن فى عمليات: الحصاد والنقل والتخزين وما زال هذا المسلسل مستمراً حتى تاريخه!!
3- وكان على السيد الوزير أن ينتظر الانتهاء من عمليات الحصاد أو حتى 50٪ منه لكى نعرف متوسط إنتاج الفدان على أرض الواقع.. لأن كلنا يعلم أن : ــ
أ - مصر تزرع 3 ملايين فدان سنوياً حسب تقارير وزارة الزراعة ولن نشكك فيها.
ب - أن متوسط إنتاج الفدان على مستوى الجمهورية هو 15 أردب فى الصعيد 10 أرادب، فى سواحل المتوسط على الأمطار 6، 7، 8 أرادب، أما فى الدقهلية فهو 15، وفى البحيرة من 18: 20.
ج ـ اضرب 3 ملايين فدان X 15 أردب «الأردب 150 كجم»= 6 ملايين و750 ألف طن.
د - اطرح الفاقد فى الحصاد والتعبئة والنقل والتخزين 15٪= مليون طن.
هـ - إذن، الباقى الصافى هو حوالى 5 ملايين و750 ألف طن.
و - يتم توريد من 3 إلى 3٫5 مليون طن للحكومة والباقى يحتفظ به الفلاح لغذائه ولطيوره وحيواناته وأيضاً لتقاويه العام المقبل.
 *-*  والدليل على أن هذه الأرقام صحيحة 100٪ هو :
أولاً : إننا نستورد سنوياً 11 مليون طن من حجم استهلاكنا الإجمالى وهو 15 مليون طن من يوليو الماضى وحتى نهاية أبريل، دخل مصر 9٫5 مليون طن طبقاً لبيانات الجمارك والموانئ المصرية.
ثانياً : لدينا فى مصر كلها 362 شونة لتخزين الغلال+ الصوامع التابعة لهيئة السلع التموينية وغيرها لا يمكن لها أن تستوعب أكثر من 4 ملايين طن فى أحسن الأحوال.
ثالثاً : إذا كان إنتاجنا، ببركة النحس، زاد من 6 ملايين طن إلى 9٫5 مليون طن، يعنى 50٪ أو حتى 30٪، فأين سيتم تخزين كل هذه الزيادة؟
يا دكتور مرسى، أنت أستاذ جامعة، يعنى مفترض أنك درست المنهج العلمى فى البحث وكيفية التحقق من النتائج قبل إعلانها، وكان واجباً عليك أن تتحقق وتسأل الخبراء المحايدين بدلاً من اعتمادك على كلام «الهجايص»، لأنك أصبحت مسئولاً عما أعلنته كذباً على الشعب!!
وأخيراً يبقى السؤال هل مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتى لرغيف العيش ؟  والإجابة هى نعم .. ولكن مطلوب : ـــ
أولاً: أن تكون هناك إرادة سياسية عارمة تضع فى الموازنة العامة مخصصات كافية للبحوث الزراعية والعلمية، الآن الموازنة لا تكفى مرتبات الباحثين بالعافية ولا يبقى مليم واحد للبحوث لاستنباط سلالات غزيرة الإنتاج ومقاومة للأمراض والملوحة.
ثانياً: أن نزرع 50 ألف فدان من التقاوى المنتقاة فى نوفمبر 2013 لنحصل منها على كمية التقاوى المطلوبة لزراعة الـ3 ملايين فدان، والتى ينتج منها الفدان من 25 إلى 30 أردب.
ثالثاً: هذه التقاوى نزرع بها موسم 2014- 2015 لنحصدها فى يونيو 2015 وعندها نكون قد اكتفينا برغيف العيش من عرقنا، ولكن نظل نستورد 5 ملايين طن للمكرونات والمعجنات والحلويات والعيش الفينو و..
ولكن يتطلب ذلك من الآن :
1- بناء 250 صومعة «ويفضل الأسمنتية» لتخزين كل هذه الكمية، وتوفير مليون طن «فاقد».
2- مطلوب الزراعة بالتسطير، أى بالميكنة وليس يدوياً وكذلك الحصاد والتعبئة وإعادة بناء منظومة الشون الترابية.
3- إضافة نصف مليون فدان جديدة لزراعتها بالحبوب كالذرة التى نستورد منها 5٫5 مليون طن سنوياً ومنها يمكن خلط 20٪ مع القمح لإنتاج الرغيف، كما كان يحدث أيام د. الجويلى المحترم.
4- والأهم: إقامة أكبر منطقة صناعية فى العالم بالعوينات لتصنيع اللحوم والجلود، وخلفها مليار رأس ماشية وأغنام بدول حوض النيل، والكيلو سيصل إلى العوينات بأقل من 2 دولار= 16 جنيهاً «جملة»!!
لنصدر ونستهلك كيلو اللحم «قطاعى» بأقل من 30 جنيهاً!!
والعبقرية أن هذا المشروع سيجعلنا نستغنى عن مليون فدان من ثلاثة ملايين فدان التى تزرع بالبرسيم سنوياً وبها نحقق الاكتفاء الذاتى من القمح وبهذا نضرب 4 عصافير بحجر واحد : ـــ
1- علاقات اقتصادية مصلحية متشابكة مع دول منابع النيل.
2- نحقق الاكتفاء الذاتى من اللحوم الطازجة والمجمدة والمصنعة بطرق علمية ومواصفات قياسية وبشروط بيئية وصحية عالمية.
3- نصدر لكل دول العالم جلوداً «خام» ونصف مصنعة ومصنعة 100٪ بالتعاون مع إيطاليين ومغاربة وغيرهم من خبراء صناعة وتسويق الجلود.
4- نوفر مياهاً بكميات سنحتاج إليها حتماً مع هذا الانفجار السكانى الرهيب، فدان البرسيم الحجازى يستهلك من 8 آلاف إلى 10 آلاف متر مكعب وفدان القمح لا يزيد على 4 آلاف متر.
باختصار ، هذا البلاد بها كل الإمكانيات والموارد والخبرات والعقول، ولكن سيبقى الفقر والجوع والتخلف مرادفاً لقدرات من يحكموننا بفقر الفكر، وفكر الفقر.
والحل الحقيقى هو : شيلوا الحمير والجاموس العاجزين عن إدارة مواردنا وإمكانياتنا، واختاروا العقول بدلاً من العجول، والخرفان!!