الثلاثاء، 13 مارس 2012

مَنْ «فَصَل» عربات القطار؟



بقلم د. محمود عمارة ٧/ ١١/ ٢٠١١

للتسالى فى إجازة العيد.. أعد قراءة هذا المقال الذى تم نشره بنفس المكان منذ أكثر من عامين، وبالتحديد فى الخامس من أكتوبر ٢٠٠٩، وكيف كانت حرية الكلام.. ولا أحد يقرأ.. وإذا قرأوا لم يفهموا.. وإذا فهموا لا يفعلون شيئاً، لأنهم آمنوا بفكرة «خليهم يتسلوا»!!!

والسؤال: هل هناك فارق الآن بين السابقين والحاليين؟! والإجابة لديك أنت!! وندخل فى الموضوع:

الله يسامحك يا أستاذة: ماجدة!

فى برنامج «العاشرة مساءً»، كان الموضوع: «أكوام الزبالة.. ومَنْ المسؤول؟».. وبعد نقاش طويل عن غياب المنظومة فى كل شىء بمصر الآن، والتدهور المخيف الذى عم شؤون حياتنا، والوكسة التى حلت علينا بعد أن أصبحنا مسخرة، ومضحكة لكل من لا يسوى.. وكيف عجزت الدولة عن تسيير شؤوننا، واستسهلت أن تخدم «طبقة» أو «مجموعة» بعينها من رجال الأعمال المقربين، أو من أثرياء المرحلة.. تاركة أغلبية الشعب فى واد آخر!!

هنا «ألقت» ضيفة الحلقة، الكاتبة الصحفية «ماجدة الجندى» بحَجَر فى بركة المياه الراكدة، عندما قالت بوضوح، وبشجاعة:

«إن قائد قطار الوطن.. لا يعرف الآن أنه يقود رأس القطار وبعض العربات الملتصقة به فقط، ولم يعد (يجر) وراءه باقى عربات القطار.. بعد أن نجحت (الحاشية) - بعلمه أو دون علمه - فى فصل عربات الدرجة الثالثة بالكامل، التى تركوها ترتد للخلف لتواجه مصيرها المحتوم بلا أدنى شفقة أو رحمة»!

وبما أننى ممن أتيح لهم ركوب «قطارات أوطان أخرى».. منها المتقدم جداً.. ومنها أوطان لا تملك سوى إرادة عارمة فى النجاح.. وبحكم ركوبى منذ سبع سنوات فى قطار الوطن الأم بعد عودتى من بلاد المهجر.. فها هى الصورة التى رسمها عقلى لما قالته الكاتبة المحترمة.. والمقارنة بين القطارين بمنتهى الاختصار:

١- هناك بالدول المحترمة.. «قطار الوطن».. يبدأ باتفاق الركاب مع السائق على القيادة لـ«مدة زمنية» محددة، يتم تغييره بعدها بلا نقاش أو لف ودوران!!

٢- هو قطار إكسبريس «درجة واحدة».. يتساوى فيه ابن الرئيس مع ابن الغفير.. ولا فرق بين حرم الوزير وحرم ماسح الأحذية.. فكلتاهما إذا خالفت إشارة المرور ستلقى العقاب نفسه!!

ولهذا تجد الناس هناك ينتمون إلى «قطار الوطن»، ويشعرون بأنه ملكهم وفى خدمتهم، وبالتالى يجب الحفاظ عليه، والدفاع عنه، والمشاركة فى نظافته وتطويره.

.. أما «قطارنا».. قطار المحروسة.. فهو «قطار قشاش».. ماركة: «اللى يحب النبى يزق». لا يملك أى منظومة تسيير.. وليس له هدف محدد.. ولا تطبق فيه معايير الشفافية أو المحاسبة أو التقييم.. وشعاره: اللى مش عاجبه ينزل، أو يضرب دماغه فى الحيط!!

وبسرعة نصل إلى وصف سريع لما يحدث «داخل قطار الوطن»:

■ «رأس القطار».. عندنا يجلس «القائد» أمام عجلة القيادة، وكعادتنا تجده يضع ابنه على حِجْره لتعليمه القيادة، وكأن قطار الوطن هو سيارته الخاصة، ولهذا نتوجع من الرزع فى المطبات الصناعية، ونرى عجلة القيادة تهتز فى يد السائق، مما يسبب صداعاً لكل ركاب القطار!!

ومن خلف «القائد» أو «السائق» ترى «رئيس الديوان»، ومجموعة الخدمة.. عرض بوستة.. توزيع الشكاوى الواردة.. إرسال الأوامر والتعليمات التى يكتبها «القائد» أو يتفوه بها.. أو يستنتجونها من علامات وجهه أو تعبيرات يده!!

■ «أول عربة» ملحقة برأس القطار:

بما أن «القائد» فى مرحلة الشيخوخة، فهو يحتاج إلى الراحة فى أى وقت.. لهذا أخلوا له العربة التى كانت مخصصة للمستشارين، والخبراء، وكبار المعاونين.. وتم تغييرها بالكامل لتصبح «منتجعا» يليق بالقائد.. وكتبوا عليها «عربة شرم الشيخ»!!

■ عربة «٢»

وهى الآن مخصصة للأجهزة الأمنية الحاكمة بأساليبها المتنوعة!!

■ عربة «٣»

فى أحد أركانها «أمين عام الحزب»، الذى يتواصل مع كثيرين تليفونياً، لتهدئة أوضاع، أو للتدخل فى حل بعض الصراعات.. وأحياناً لضرب بعض الأجنحة حفاظاً على التوازن الذى يحقق المصلحة.. وما أدراك بالمصلحة!!

وفى الركن الآخر.. يجلس «رئيس مجلس الشعب».. ومن حوله هيصة وزمبليطة، وضجيج بلا طحين!!

ومن بعيد: تلمح رئيس الحكومة منكفئاً على نفسه، محدقاً بجهاز إلكترونى يتلقى منه التعليمات والتوجيهات، وعليه توزيعها.

■ عربة «٤» الـV.I.P

وهى أفسح العربات بقطار الوطن.. تم استحداثها وتخصيصها لمجموعة بعينها من أهم المهمين «من رجال الأعمال المقربين والجاهزين كممولين Sponsor لأى حملات انتخابية أو هجومية.

فى هذه الغرفة الكبيرة، كل شىء مستورد من الباركيه، مسمار سويدى.. وبالرخام الإيطالى.. والسيراميك المجانى، والحنفيات والسيفونات الذهب الألمانى.. ولن أحدثك عن الأسقف الملوكى، والسجاجيد الإيرانى.. وهى العربة الوحيدة التى تفتح لأصحابها بوفيهاً دائماً مكدساً بالكافيار الروسى والفواجرا التلوزى والسيمون فيميه الأيرلندى، والشيف الباريسى يضع أمامك سلطانية «المارون جلاسيه»، التى صنعت خصيصاً لملاك هذه العربة الـvip، الذين لا يتجاوز عددهم ٢٠٠٠ شخص، يبرطعون فى عربة مساحتها تزيد على مساحة خمسة آلاف عربة من عربات قطار الوطن البالغة ثمانية آلاف عربة تحمل كل منها عشرة آلاف مواطن هم عدد سكان المحروسة!!

■ العربة الخامسة:

وهى قافلة مكونة من «عشر عربات» خصصها رجال الأعمال الـvip لحساب الموالسين، والمتواطئين، والسماسرة، والوسطاء، والقومسونجية، والمخلصاتية، ومجموعة «آل كابونى» من العصابات المستترة.. ومعهم بعض من يدعون أنهم صحفيون أو إعلاميون، و«آخرين» لزوم العولمة، والفرفشة!!

ملحوظة: علمت بالأمس من صديقنا الأديب العالمى الأستاذ جمال الغيطانى أن «حرمه» الكاتبة الصحفية الأستاذة «ماجدة الجندى» تعالج خارج الحدود لشدة المرض.. ومن أرض هذا الوطن ندعو لها بالشفاء العاجل.. وكل سنة وهى، وأنتم، ومصر بخير.. يا رب!!

التصويت.. رغم أنف الجنرالات



بقلم د. محمود عمارة ٣١/ ١٠/ ٢٠١١

إعمالاً لمبدأ الشفافية، وترسيخاً لحق المواطن فى معرفة الحقائق وما يدور فى الكواليس، وبما أننى شاهد شاف كل حاجة.. فها هى الحكاية من البداية:

«الجنرال» محمد حسنى مبارك يطالب «الفريق» كمال حسن على، رئيس الحكومة، بحضور «المشير» أبوغزالة، أمامنا نحن المغتربين فى أول مؤتمر للمصريين بالخارج عام ٨٤.. «بالإسراع فى اتخاذ اللازم نحو تمكين المغتربين بالتصويت فى الاستفتاءات والانتخابات، ولممارسة حقنا فى التمثيل بالمجالس النيابية».. ولم يحدث شىء.. «الرئيس» يطالب.. والحكومة تهز رأسها.. ونحن نصفق، وينتهى الأمر!!

عام ٩٢ يدعونا رئيس الجمهورية كرموز للجاليات المصرية بالخارج بمكتبه بقصر عابدين، فى حضور عمرو موسى، وزير الخارجية، ومحيى الغريب، رئيس هيئة الاستثمار، يطالبنا بفتح أسواق للمنتجات المصرية بالأسواق الخارجية، وبالتحديد محمود وهبة للقطن بأمريكا، والعبدلله للمنتجات الزراعية بأوروبا، وبالاستثمار على أرض الوطن لتشجيع زملائنا بالمهجر لاستثمار مدخراتهم فى مشروعات بمصر.. وأطالب الرئيس أمام الحاضرين بتنفيذ وعده بحقنا فى التصويت.. وإن شاء الله.. ربنا يسهل، وباى باى!!

وتأتى حكومة عصام شرف.. ويتم تكليفى بهذا الملف فى شهر أبريل الماضى.. ومن أول يوم ألتقى بالدكتور أحمد البرعى، وزير العمل والهجرة.. ومعى الحل.. من إحدى شركات المحمول التى عرضت «جهاز» يتم وضعه بالقنصلية أو السفارة، يتم إدخال الرقم القومى للمواطن.. وأمام القنصل العام يدلى بصوته فى الاستفتاء على الدستور ثم فى اختيار الرئيس القادم (ولم نطلب المشاركة فى التصويت لأعضاء البرلمان).. ولا تطلب الشركة سوى موافقة المجلس العسكرى.. وقد حدث واعتبرنا الموضوع قد انتهى وتم حسمه!!

ويدعونا د. يحيى الجمل لعدة اجتماعات بمجلس الوزراء، بحضور الوزراء المعنيين، وخبراء، على رأسهم الأستاذ جمال غيطاس، وهو العبقرى فى شؤون التقنيات، لتنفيذ هذا الموضوع.. ومعنا «الجنرال» رفعت قمصان، ممثلا لوزارة الداخلية.. والذى بكى فى أول اجتماع لأنه حسب قوله: لم يكن موافقا على ما كان يحدث من تزوير للانتخابات فى العهد السابق رغم أنه المسؤول.. ونتفق جميعا على الإعداد، والتجهيز لممارسة المغتربين حقهم فى التصويت، ونجد ألف حل لكل مشكلة!!

وفجأة.. وبلا مقدمات.. يخرج علينا أحد «الجنرالات» .. يعترض قائلاً: «إن المغتربين كتلة تصويتية كبيرة، يمكن التأثير عليها، وتوجيهها».. بمعنى أنه يمكن شراء أصواتنا!!

وبهذا التصريح.. بدأ الشرخ بين «المجلس» وأبناء مصر بالخارج.. الذين «استنكروا»، وغضبوا من هذا الاتهام الذى يعبر عن عدم إدراك هذا الجنرال، لطبيعة المصرى بالخارج (ولكن عندنا يظل الجنرال.. جنرالا أو فريقا ولا يعرف «الاعتذار»).. المهم أن قضاء مصر العادل.. قد أصدر حكمه: وأجبر المجلس، والحكومة على تمكين المتغربين من ممارسة حقهم فى التصويت.. ليس فقط فى اختيار رئيس الجمهورية القادم، وفى الاستفتاء على الدستور، كما كنا نطالب وإنما فى اختيار أعضاء مجلسى الشعب والشورى يوم ٢٨ نوفمبر الحالى!!

وبهذا الحكم التاريخى.. لم يعد هناك مكان للمماطلة، أو التسويف.. وإلا سيتم الطعن على الانتخابات ويتم بطلانها.. والآن على وزارة الخارجية الاستعداد، وبالتعاون مع «الداخلية» لتجهيز اللجان والمقار الانتخابية بالسفارات والقنصليات حول العالم!!

وبمناسبة «الداخلية».. جاءت المفاجأة الثانية: فهناك الآن بعض «الجنرالات» التابعين للنظام السابق يحاولون عرقلة تنفيذ الحكم.. بادعاءات «ضيق الوقت»، ولخبطة البيانات، وإعادة تنظيم الجداول الانتخابية و.. و..، والحقيقة: أن «الداخلية» التى اعتادت طوال الستين عاما الماضية، «الهيمنة»، واستمرار «الانفراد» والتحكم فى كل العمليات الانتخابية، واستسهلت «التزوير»، و«التلاعب» فى النتائج لصالح من ترغب.. تجد نفسها الآن السجاد يسحب من تحت قدميها، بدخول «السفارات» على الخط، وبهذا لن تتمكن من ممارسة العادة السرية فى التزوير والهيمنة.. فالمصريون بالخارج لا يمكن شراء أصواتهم.. والتقنيات الحديثة لا يمكن التلاعب فيها.. والسفراء والقناصل ليس لهم أدنى مصلحة للألاعيب.. وهناك د. على السلمى الذى يسعى جاهدا لتنفيذ الحكم، وتبييض وجه الحكومة وهو الضامن لنا!!

صحيح أن عدد المصريين بالخارج الذين سيشاركون فى انتخابات مجلس الشعب والشورى.. لن يتجاوز ١/٢ مليون صوت.. لسببين: أولهما: أن المصرى بأمريكا، وكندا، وأستراليا، وأوروبا.. لا يعرف أسماء أو برامج المرشحين فى الدائرة المحلية التابع لها، محل عائلته بمصر. ثانيا: ليس لديه وقت كاف (٣ أسابيع) ليسجل اسمه، ويحصل على البطاقة الانتخابية.. ثم يذهب من فلوريدا جنوبا بالطائرة إلى نيويورك، ليدلى بصوته ويختار عضو مجلس الشعب فى المحروسة!!

ولكن عند الاستفتاء على الدستور فى تقديرى سوف يذهب ٢ مليون مصرى.. فأمامهم وقت كاف، وتجربة سابقة وسهل عليه أن يقول نعم أو لا.. أما فى اختيار رئيس الجمهورية بعد سنة أو أكثر فسيذهب ٤:٣ مليون مصرى مغترب لاختيار عمرو موسى، أو أحمد شفيق، أو البرادعى، أو حمدين صباحى بهذا الترتيب إدا لم يحدث جديد، أو غيرهم إذا بذلوا المجهود الكافى للتعريف بأنفسهم، وبرامجهم.. لأن «الرئيس» القادم سيكون له «كلمة»، و«رأى»، وقرار فى بناء مصر الجديدة!!

أما عن «المصريين بالخارج».. ورغم محاولة «اللواء ممدوح شاهين» مع «الجنرال» صبحى صالح «لإقصاء» كل من «حمل جنسية أخرى، أو تزوج من غير مصرية» ليلة واحدة «فيحرم من حق الترشح لرئاسة الجمهورية» فلن ينجحا فى حرمان المهاجرين والمغتربين من المشاركة فى «نهضة مصر».. وإذا كان «محمد على» الجندى وليس الجنرال.. قد أرسل بعثات من مائة مصرى إلى فرنسا، وبعد خمس سنوات عادوا ليغيروا خريطة وجغرافية مصر.. فهناك الآن «مليون مغترب» من أصل عشرة ملايين خارج الحدود.. راغبون، ومصرون على تقديم مشروع ينافس مشروع مارشال.. لبناء مصر الجديدة.. ولديهم كل العقول، والعلوم، والفنون، والتقنيات، والخبرات، والمدخرات الجاهزة، والكفيلة بوضع مصر فى المكان اللائق بتاريخها وحضاراتها على الخريطة العالمية..

وفى تسع سنوات يستطيعون منافسة تركيا، وماليزيا، والبرازيل، لنصبح «أسد» الشرق الأوسط، و«نمر» العالم العربى بلا أدنى منازعة.. والعالم كله مستعد للتعاون والمشاركة، عندما يرى، ويطمئن للعقول التى ستقود مصر فى المرحلة القادمة، بعيداً عن المتخلفين، والمتطرفين، والمهووسين، والعجزة، والمتآمرين.. فكل ما تحتاجه مصر هو: رئيس لديه إرادة، وحوله مجموعة من خبراء لديهم رؤية ويملكون خططاً واستراتيجيات + ٣ تريليونات جنيه أى ١/٢ تريليون دولار، موجودة فعلا لدى مصر، وأبناء مصر بالخارج.. ولهذا مقال قادم بإذن الله!!

وفى النهاية، أكرر ما قاله صديقى المستشرق الفرنسى العاشق لمصر:

«سأظل أراهن على أحفاد الفراعنة» رغم كل ما سيمرون به من مطبات، وحفر، وحواجز وعقبات.. ففى النهاية لا يصح إلا الصحيح!!

french_group@hotmail.com


http://www.almasryalyoum.com/multimedia/video

نعم: «الزراعة» هى الحل



بقلم د. محمود عمارة ٢٤/ ١٠/ ٢٠١١

لا يختلف عاقلان على أن «الزراعة» فى مصر هى الحل العاجل والسريع كبداية للنهضة الشاملة وتفاديا للمجاعة، وثورة الجياع التى تهدد مستقبل هذا الوطن إذا طالت الفترة الانتقالية، بهذه الحالة من الارتباك والتخبط!!

بالأمس «الأحد» بدأت فعاليات المعرض الزراعى السنوى «صحارى» بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، فى ظل صمت رهيب وغياب كامل للمسؤولين، ولوسائل الإعلام الخاصة المشغولة بالسياسة، والنميمة، وإعادة إنتاج الماضى بعيداً عن المستقبل والبحث عن لقمة العيش!! عكس ما يحدث فى العالم المتقدم.. فهناك يفتتح رئيس الدولة بنفسه المعرض الزراعى السنوى، اعترافاً وتقديراً لدور قطاع الزراعة فى الاقتصاد القومى!!

ففى فرنسا مثلاً، من «ديجول إلى ساركوزى»، لم يتغيب رئيس الجمهورية أبداً عن الافتتاح والحضور ليلتقى الفلاحين وبجانبه رئيس وزرائه، ووسائل الإعلام تشهد له، وهو يطبطب على «أفخاد البقر» النورماندى.. ويمسح على رؤوس «النعاج» الباريسية و«يبوس الواوا» للعنزات الصغيرة ويستمع لشكاوى الفلاح، رغم أن الدولة هناك تدعمه بستمائة يورو لكل عجل، وأربعمائة للخروف.. ووزارة الخارجية مع المكاتب التجارية حول العالم تفتح لهم الأسواق، وتمدهم بالبيانات والمعلومات، ويتحرك السفير بنفسه مع أى منتج أو مصدر فرنساوى تحدث له أى مشكلة فى أى دولة حول العالم و... و... رغم أن قطاع الزراعة عندهم لا يزيد على ٢٪ من الناتج القومى!!

وبكل أسف، فالحال عندنا مختلف تماماً.. فالزراعة هى آخر سطر على أجندة الدولة، والدليل:

١ ــ ما حدث أمس الأول من قرار الاتحاد الأوروبى باستمرار منع دخول البذور المصرية حتى ٣١ مارس المقبل، ولم يتحرك أحد رغم «الإساءة» لسمعة المنتجات الزراعية المصرية بأنها متهمة بإصابة الناس بمرض «الإيكولاى» القاتل.

٢ ــ البنك الدولى يسحب التمويل لمشروع «مد ترعة من النيل» إلى غرب الطريق الصحراوى، ومنطقة (وادى النطرون ــ العلمين) وبهذا سوف تتحول كل هذه المساحات إلى مشروعات سكنية «إجبارياً» بدءاً من بعد القرية الذكية حتى الكيلو ٨٤، وبهذا سنخسر «مليون فدان» منزرعة الآن، لنضوب وملوحة المياه الجوفية.. علماً بأن ٤٠٪ من صادرات مصر تخرج من الطريق الصحراوى.. ولا أحد يتحرك، والكل فى غيبوبة!

٣ ــ الموسم الشتوى للزراعة على الأبواب، والأسمدة مازالت لغزاً.. علماً بأن الدولة تمد مصانع الأسمدة بالغاز المدعوم «١.٥ دولار» بدلاً من ٣، ٤، ٦ دولارات، والمصانع تصدر منتجاتها للخارج، وتبيع بالسعر العالمى للمصريين، وكأن مصر تدعم الفلاح الفرنساوى والإيطالى والسويسرى!!

٤ ــ منح ومعونات للجمعيات الأهلية بالثروة السمكية لصناعة ووضع أقفاص بالبحر، ولا يستطيع أحد الحصول على موافقات حرس الحدود والمخابرات والرى والمسطحات.. وناقص يطلبوا موافقة إسرائيل، وبان كى مون.. ولا حياة لمن تنادى، ولهذا نستورد نفايات الأسماك من أوكرانيا وروسيا وفيتنام!!

٥ ــ ممنوع دخول الأسماك المصرية للأسواق الأوروبية.. لماذا؟

لأن هناك قانوناً من الأربعينيات ينص على «منع تربية الأسماك المصرية على مياه نظيفة»، وبمفهوم المخالفة، إذن، نحن نربى أسماكنا بالمياه القذرة.. ولهذا نشف ريق الصيادين المصريين خاصة بالمزارع الخاصة وبالبحار لحذف هذا النص..

٦ ــ إجراءات تملك الأراضى الصحراوية.. لا الدولة تستصلح وتزرع، ولا تترك خلق الله يستصلحون ويزرعون.. والكل واقع فى حيص بيص.

٧ ــ مصر تفقد ١٥٪ من إنتاج القمح (٨ ملايين طن سنوياً) نخسر منها ١.٢ مليون طن، بسبب سوء التخزين والنقل لعدم وجود «صوامع» للتخزين، والمطلوب مائة صومعة.. وهناك شركات محلية وعالمية قدمت منذ سنين عروضاً لإقامتها، ولا أحد يبت فيها، ولا الحكومة أقامتها!! وبما أن المساحة لا تكفى لتعديد «فضائحنا»!!

ونعود لموضوعنا.. وهو «معرض صحارى» المنعقد الآن حتى غد الثلاثاء.. وقد حاولت ــ وعلى مسؤوليتى الشخصية ــ دعوة أكبر عدد من الشخصيات والصحافة والقنوات.. وبدأت برسالة على موبايل مدير مكتب المشير، وللدكتور عصام شرف قلت فيها: «نحيط سيادتكم علماً بأن المعرض الزراعى يفتتح الأحد وحتى الثلاثاء، ومطلوب حضور رئيس الوزراء وممثلين للمجلس العسكرى»، واتصلت بمعظم مرشحى الرئاسة المحتملين للحضور، ولم يصلنا رد سوى من «الفريق أحمد شفيق» الذى طالبت منذ ٣ سنوات بأن يكون وزيراً للزراعة بعد نجاحه الفائق فى الطيران، وسيحضر اليوم الاثنين رغم أنه لم يعلن بعد نيته للترشح.. وأيضاً السيد «عمرو موسى» الذى سيحضر غداً الثلاثاء، ليعد الفلاحين بأنه إذا أصبح رئيساً فسوف يفتتح هذا المعرض سنوياً بنفسه، وأنه سيضع «الزراعة» على رأس وأولوية أجندته الرئاسية.. والآن اتصال من حمدين صباحى يؤكد حضوره!!

وعلى كل حال، مازالت الفرصة سانحة أمام كل المرشحين المحتملين للرئاسة للحضور اليوم أو غداً، والدعوة عامة ومفتوحة، حتى يصبح هذا عيداً حقيقياً للزراعة فى مصر، وليصبح تقليداً وعرفاً يجبرنا جميعاً على الاهتمام بالزراعة التى كنا أسياد العالم فيها، ونخزن غلال الرومان من أيام الفراعنة والحمد لله أن علماء الجيولوجيا أكدوا ما سبق أن أعلنه د. فاروق الباز، والدكتور إبراهيم كامل بتاع سرس وليس بتاع الحمير والجمال، والدكتورة إيمان غنيم ـ من أن مصر، وصحراءها الغربية تعوم على كنز من المياه الجوفية يسمى فى الإسكوبيديا «الأنهار» الجوفية، وسوف تثبت الأيام المقبلة، أن مصر المذكورة بكل الأديان السماوية حبلى بالخير، وجوف أرضها ملىء ومعبأ، وملغوم بالمياه، والبترول والغاز والذهب والمعادن ولا ينقصها سوى «الإرادة» و«الإدارة» و«الولد»!!

a

النتيجة: ٢٠٪ للفلول و ٤٠٪ للمتأسلمين



بقلم د. محمود عمارة ١٧/ ١٠/ ٢٠١١

صديق معجون بمية عفاريت، فاهم ألاعيب وحيل الشياطين من العرب والمصريين.. سألنى: إنت عارف فى أوروبا بيقولوا: «إن اللى يصحى بدرى فى أفريقيا بياخد الحكم»؟ قلت له: أيوه عارف، وبعدين؟

قال لى: اصبر شوية، وامشى معايا واحدة واحدة للنهاية علشان أقول لك أين «الفخ» ثم «الكمين»!

وسألنى تانى: تفتكر اللى حصل فى ماسبيرو «مقصود»، ومخطط له، علشان «فلول الحزب الوطنى» مع التيارات الدينية يخطفوا مجلس الشعب، وبكده يخطفوا مصر لخمسين سنة بالقانون، وبالدستور اللى همه هيحطوه على مقاسهم.. وبعد كده محدش يقدر يفتح بقه.. فها هى «الديمقراطية» التى ناديتم بها!!

قلت له: اشرح لى، إيه دخل ده فى «الصحيان بدرى»؟؟

قال لى: اصبر للآخر.. وهقول لك كل حاجة بمنتهى الصراحة والشجاعة!!

اوعى حد يفتكر إن «الثورة» ممكن تكتمل وهيسيبوها تنجح.. ليه..؟ لأنها لو نجحت هتطيح «بمئات الرؤوس» الكبيرة قوى قوى.. وهتحاكم الآلاف من الفاسدين والحرامية والناهبين لثروات الوطن، وكلهم معروفين بالاسم فى كل محافظة، وفى كل وزارة، وفى كل مؤسسة، وهاتعدم كل من قتل أو سحل أو دهس مواطن مصرى.. وهتعلق شخصيات كبيرة من رجليها فى ميدان التحرير.. والديول والأذناب والمنافقين والطبالين سابقا وحاليا هيركبوا حمير بالمقلوب ويجرسوهم فى ميدان مصطفى محمود.. والصندوق الأسود هيتفتح، والملفات هتفضح ناس كتير بعضهم حاليا بيمثل دور البطولة الوطنية!!

وطبعا لا يخفى على أحد دور «الممولين» من بعض الدول العربية والأجنبية.. أما «إسرائيل» فهى أذكى بكثير، وتعلم جيدا أنه لو انكشف دورها، فسوف يتوحد المصريون.. وهى واثقة من أننا كمصريين محترفون فى تدمير أنفسنا بالخيانة والتآمر على بعضنا البعض وأنه لو اجتمع العالم على هلاكنا، فلن يجد أفضل من أن يتركنا نخلص على بعض.. ويكفى الأعداء اللعب فى «الملف الاقتصادى» بالامتناع عن التمويل أو الاستثمار أو حتى المعونات لفتح الباب أمام «ثورة الجياع»!!

ويبقى «لإسقاط الدولة» أو «للفوضى» كل من: ملف «الطائفية» بالوقيعة بين المسلمين والمسيحيين.. وملف «فسخ العقد بين الجيش والشعب».. وصاحب المصلحة القادر على تخريب هذين الملفين هو «حبيب العادلى ومساعدوه» المعرضون للإعدام، ورجالهم وزملاؤهم فى أمن الدولة، والوزارة، ومن مديرى الأمن وبعض كبار الضباط المضارين مما جرى!!

وهؤلاء هم المالكون لكل «المعلومات»، و«الخطط»، و«الإمكانيات».. من البلطجية التابعين لهم، والمحميين بهم، والممولين لهم من كبار رجال الأعمال الفاسدين والمعروفين للجميع!!

الخلاصة: إن ملف الفتنة الطائفية «ليس فى أيد أمينة».. وكل الدلائل والاتهامات تشير إلى بعض رجال الأمن المضارين، والمرعوبين من المحاكمات.. أضف إلى ذلك أن هناك تار بايت بين الشرطة والجيش، فالشرطة تتهم الجيش بإسقاطها وبعثرة كرامتها.. ولهذا لن يساعدوا على الهدوء أو النجاح لأنهم يدركون أن الجيش سيحصد النتيجة ويتنطط عليهم.. والحل لهذه المعضلة هو: تقوية الشرطة بكل الوسائل، وإعادة الاعتبار لها.. مع إجبارها «بالقانون» على عدم التجاوز، واحترام حقوق المواطن.. وإذا لم نفعل فلن يكون هناك أمن، ولا استقرار، ولا تنمية.. لتبدأ ثورة الغاضبين من العمال والموظفين والجوعانين والمقصيين.. لندخل فى حرب أهلية قد تؤدى لتقسيم مصر لا قدر الله!!

ونرجع لموضوعنا.. «الفخ».. هو انتهاز أى مظاهرة أو تجمعات لصناعة بعض «الانفجارات» «والحرائق» كما حدث فى ماسبيرو بغرض «إلهاء» الناس وترويعهم، وتتويه المجلس العسكرى وهز ثقته فى نفسه وإرباكه، وإغراق الحكومة فى الصلح والطبطبة وبوس اللحى.. لينشغل الجميع بالأحداث!!

و«الكمين».. هو «اختطاف مجلس الشعب»، والسؤال: كيف سيتم هذا السيناريو؟

أولا: يوم التصويت هو ٨ ساعات ٦٠ دقيقة = ٤٨٠ دقيقة.. وكل «ناخب» سيحتاج من ٤ و٥ دقائق للبحث عن اسمه بالكشوف، ثم توقيعه وتسلمه للقوائم، ثم دخوله خلف الستائر لاختيار القائمة ثم الفردى.. ووضع صوته بالصندوق ثم الخروج من اللجنة.. إذن فى الـ٨ ساعات لن يستطيع أكثر من «ألف ناخب» الإدلاء بأصواتهم على فرض إن مفيش خناقات، ولا مشاحنات، ولا ضرب نار، ولا خلافات بين المندوبين إلخ!!

وعليه: من سينجح فى حشد «ألف بلطجى» أو «ألف مواطن تابع له» فى أول الطابور، فهو الذى سيفوز بالأغلبية!!

والسؤال: من الذى سيصحو عند الفجر ليقف فى الطابور؟

اثنان لا ثالث لهما: التيارات الدينية بعد صلاة الفجر، وممكن يصلوا الفجر فى الطابور.. «والفلول» لأنها قضية حياة أو موت بالنسبة لهم، ولديهم التمويل (والصوت بمائة جنيه لمن يقف أول الطابور)!!

أما إخواننا الليبراليون، والمثقفون، والمتنورون فهم لا يصحون قبل منتصف النهار وبالتالى فالنتيجة مسبقا هى: ٢٠٪ للفلول + ٤٠٪ للمتأسلمين!!.. وهكذا سيتم اختطاف سفينة الوطن باسم «الديمقراطية».. ومصر تصبح أفغانستان أو الصومال!!

والحل:

أن تظل أى لجنة تعمل وتستقبل الناخبين طالما أن هناك طابورا.. حتى لو ظلت اللجنة مفتوحة إلى العاشرة مساء أو حتى منتصف الليل وذلك لاستحالة إجراء الانتخابات على يومين.. وبغير ذلك سوف يحاكمنا التاريخ على ما فعلناه بتسليم «مصر» للفاسدين، والمهووسين.. وكأنك يا بوزيد.. ما غزيت!!

ورغم ذلك يظل هناك فى أحفاد الفراعنة من العقلاء، والمخلصين، والعاشقين لهذا الوطن.. المتمسكين بالحياة على أرضه، ولن يهاجروا أبداً أو يهجروه، وسوف يحتشدون، ويحشدون الأصدقاء والجيران للتصويت لمصر التى فى خاطرنا جميعاً!!

french_group@hotmail.com

مطلوب واحد «مهاتير»



بقلم د. محمود عمارة ١٠/ ١٠/ ٢٠١١

أفهمونا منذ الطفولة أن «مصر هبة النيل»، وبس!!

وأشبعونا كلاما محبطاً، وميئساً بأن «أس» بلاوينا، وسبب فقرنا هو «ندرة المياه».. وقالوا: إننا خلال بضع سنوات لن نجد نقطة مياه لغسيل وجوهنا.. وظل «خبراؤنا» فى شؤون المياه من أعضاء الحزب الوطنى بلجنة السياسات، يشيعون عن قصد، أو بجهل أننا دولة «قاحلة»، وبها فقر مائى، والحل الوحيد هو الهجرة إلى السودان وإثيوبيا، أو بتحلية مياه البحر المكلفة!!

واستسلمنا جميعاً لقدرنا، وتركنا الناس تروى زراعاتهم بمياه المجارى، ويرعون الحيوانات على ضفاف مستنقعات الصرف الصحى، ويربون الأسماك فى بحيرات الصرف الصناعى، وأصيب الشعب المصرى بكل أنواع الأمراض نتيجة تلوث الغذاء، وساءت سمعة المنتجات المصرية فى أوروبا والعالم!!

وخلال العشر سنوات الماضية «رسخت» الحكومة وشلة المنتفعين فكرة استحالة «اكتفائنا الذاتى» من القمح وظهر وزير الزراعة باستهتار يقول: «شراء القمح ولا تربيته»، ومنعوا زراعة الأرز بحجة نقص المياه، وحاربوا كل من يتجرأ على غزو الصحراء بحجة الحفاظ على المياه الجوفية، وقالوا: إن استيراد الحيوانات واللحوم المجمدة من الهند هى الحل حتى بديدان الساركوسيست!!

والحقيقة أن كل هذا «كذب X كذب»، والسبب هو «العمولات»، و«السمسرة» لمافيا الاستيراد.

ونسوا أن لدينا ٤٠ ضعف ما لدى إسرائيل من مياه، و٨٠ ضعف ما لدى الأردن.. و«إسرائيل» تكتفى ذاتياً، وتصدر بـ١٨ ملياراً (تقاوى وبذوراً، ومصنعات غذائية، وزيوتاً عطرية، وأعشاباً طبية، ووروداً، ونبات زينة.. إلخ»، وأن «الأردن» بأقل من مليار واحد، تغزو أسواق الخليج بالخضر والفاكهة، ولحوم الأغنام، وتصدر لمصر خوخاً. (العالم العربى استورد ٦٠٪ من غذائه، والتبادل التجارى بين الصين وأفريقيا ٢٢٠ ملياراً سنوياً!!)

والمفاجأة اليوم والتى ستنفى حجج المتحججين وتكسر الشماعة التى نعلق عليها كسلنا، وعجزنا وفقر فكرنا هى: اكتشاف «أول نهر» يجرى تحت أرض الصحراء الغربية.. «نهر» يعادل نهر النيل.. «نهر متجدد» وليس خزاناً مغلقاً.. «نهر» ينبع من النيجر وتشاد يخترق الأراضى الليبية، ثم يعبر الحدود ليمر بالوادى الجديد، فالواحات.. ثم ينفجر فى «سيوة»، لتدفق مياهه وتغرق ثلث الواحة وتسبب مشكلة صرف.. لأن هذا «النهر» يبدأ بارتفاع ٢.٥ كم عن سطح البحر.. ويجرى باتجاه المتوسط، دون استخدام من أحد ليصب عند خليج مرسى مطروح!!

نهر «عظيم لم نطلق عليه اسما بعد».. «نهر» كتب عنه د. إبراهيم مصطفى كامل فى الستينيات، وأكده د. فاروق الباز.. ثم أكدته د.إيمان غنيم بكاليفورنيا، وتحقق منه علمياً أستاذ وعالم الجيولوجيا د. خالد عودة، وكل هؤلاء العلماء، وغيرهم من أمثال د. نادر نور الدين يؤكدون أن هناك «نهرين» آخرين.. أحدهما كان موجوداً من آلاف السنين، وكان يسمى «بالنهر الأصفر»، والثانى ينبع من الحبشة والسودان ليعبر الأراضى المصرية موازياً لنهر النيل ثم يعبر البحر الأحمر باتجاه سيناء والسعودية!!

وهذا يؤكد أن «أجدادنا الفراعنة» كانوا يستخدمون هذه الأنهار الجوفية فى الصحراء الغربية من الفرافرة، والواحات البحرية، وسيوة لإنتاج القمح والشعير والحبوب، وبها أصبحوا «سلة غذاء الرومان»، والدليل هو: المناطق الأثرية المنتشرة فى هذه المناطق. أما نحن «أحفاد الفراعنة»، فاستسهلنا التجمع والتقوقع حول «نهر النيل» ودلتاه.. نجلس على الأرض نتشمس طول العام وعند الفيضان نزرع بالراحة فى موسم الزراعة.. وبعد السد العالى استرحنا لسياسة أن الدولة هى أبويا، وأمى، ومسؤولة عنى، إلى أن اكتشفنا أن أبويا وأمى باعونى فى سوق النخاسة.

والحل: مطلوب واحد «مهاتير»، أو «أردوجان»، أو «لولا دى سيلفا» البرازيلى.. ليصنع من مصر، وبالمصريين أقوى إمبراطورية فى المنطقة.. والبداية باستئجار طائرتين بقيمة ٣٠٠ مليون دولار (لدينا خطاب من الحكومة اليابانية للتمويل المجانى كمعونة).. طائرتين مجهزتين بتقنيات متخصصة فى الكشف عما هو فى باطن الأرض.. تمسح كل أراضى مصر، تكشف لنا «البترول»، و«الغاز»، و«المياه»، والمعادن من ذهب وحديد ومنجنيز، وفوسفات وغيره، لنعرف ما لدينا بالضبط.. وأين هو؟ حتى نتمكن من وضع مخطط لمستقبل مصر فى المائة سنة القادمة، لأن كل علماء، وخبراء العالم يؤكدون أن مصر المذكورة بكل الأديان السماوية «حبلى» بالكنوز، ومملوءة بالموارد..

ويبقى السؤال: أين، وكيف يخرج لنا «مهاتير» أو «أردوجان» من الـ٨٥ مليون مصرى فى ظل هذا العبث، وهذه العتمة، وهذا الانفلااااااات على جميع المستويات؟

french_group@hotmail.com

يا سيادة المشير «كلمنا.. شكراً»



بقلم د. محمود عمارة ٣/ ١٠/ ٢٠١١

لا أفهم.. لماذا لا يخرج علينا سيادة المشير باعتباره «رأس الدولة الآن» ليتحدث مع جسد الأمة.. حديثاً من القلب إلى القلب.. حديث الأب لأبنائه.. «يكلمنا بالبلدى».. وبابتسامته المحببة، وبطريقة «ولاد البلد» التى يحبها المصريون، وافتقدناها كشعب مصر منذ عقود.. شعب مصر الطيب، الذى كان مستعداً للصفح والتسامح، حتى مع حسنى مبارك بعد خطابه العاطفى قبل الأخير، ولولا «غزوة الحمير بالجمال» لظل حتى نهاية مدته.. فنحن شعب عاطفى وغلبان، وبيرضى بقليله!

٨ شهور لم يخاطبنا أحد، ولن أقول «لم يعبرنا أحد».. بعيداً عن الرسائل الإلكترونية، التى ربما تصلح لمخاطبة الجنود، وإعطاء أوامر للعساكر.. ولكنها بالقطع لا تصلح لمخاطبة الشعوب.. حتى فى الدول التى يحمل فيها كل مواطن «آى باد»، أو جهاز محمول يتواصلون به مع بعضهم البعض.. فهناك رأس الدولة، يوجه خطاباً للأمة كل أسبوع يرد فيه على أسئلة الشارع.. واستفسارات الناس.. أو يذهب إلى التليفزيون يحاوره المذيع ويطرح عليه هموم الناس وأسئلتهم، مهما كانت محرجة أو قاسية أو حتى شخصية..

وعليه أن يجيب بصراحة، وبلا مراوغة أو لف ودوران.. لأنه يعلم أن هذا هو الطريق المستقيم والصحيح لاحترام عقل المشاهدين، ولمنع الشائعات، حتى لا يفقد المجتمع بوصلته نحو التطور والتقدم والرفاهية، وإذا تعذر عليه الحديث أو الحوار بسبب المرض أو السفر فهناك المتحدث الرسمى اليومى أو حتى كل أسبوع فى الموعد الثابت، وعلى الهواء مباشرة يجيب عن كل سؤال، ويوضح أى التباس، وهكذا عبروا مرحلة «الشائعات، وتأليف السيناريوهات، وانتشار الأكاذيب، وخلط الأوراق»!

أما نحن فى «المهروسة».. بعد ثورة، وأحداث متسارعة ومتلاحقة، ومتغيرات كل ساعة، ورغم طرح الشارع آلاف الأسئلة وعلامات الاستفهام، ورغم حالة الضبابية التى تطورت إلى «عتمة» وظلام دامس جعلت الناس متوترة لا تعرف رأسها من رجليها.. وتملكها الخوف والفزع من المجهول واستسلمت للأكاذيب المخلوطة بالحقائق، ورغم مئات الاستفسارات التى تحتاج إلى إجابات.. لا تجد سوى حالة من الصمت الرهيب والمخيف..

وحالة تجاهل مستفزة، وحالة تخبط فاضحة لدى بعض ممن يديرون شؤون البلاد، مع حالة عجز حكومى أدى إلى شلل مدمر.. وبدا المجتمع المصرى بعد ٧ شهور من الثورة أمام نفسه بائساً.. يائساً.. وأمام العالم «ضارب لخمة»، وغرقاناً فى شبر ميه.. وفاقداً للبوصلة.. وبدت «سفينة الوطن» وكأنها تائهة فى عرض المحيط، والربان فاقدين السيطرة، وجاهلين بقواعد القيادة.. والـ٨٥ مليون راكب أصيبوا بدوار البحر، ومن لم يصب بدوار البحر،

فهو عاجز عن تفسير ما يحدث حوله، وجلس مرعوباً من فكرة «غرق السفينة»، التى يشيعها البعض فى الداخل والخارج.. بعد أن رأوا «الصفوة» من ركاب الدرجة الأولى (مرشحى الرئاسة- الأحزاب- السياسيين- وحتى المفكرين والمثقفين كلهم «ضاربين لخمة» وحيرانين، وزعلانين وحتى هم مش فاهمين، وليس لديهم أى تبرير أو تفسير.. أما «الفلول» فهم كل يوم يعلنون على الملأ أنهم عائدون.. عائدون.. وحتى الحرامية فى محبسهم لا يخفون فرحتهم وابتسامتهم، وانتظارهم للحظة الفوضى العارمة ليهربوا، ويستمتعوا بما سلبوه ونهبوه)!

باختصار: البلد الآن فى أسوأ حالاته.. ولا أحد ينكر أننا أصبحنا فى خطر شديد.. والسفينة تايهة.. والركاب رافعين أيديهم للسما يدعون الرب لإنقاذهم من الكارثة.. وأهل الحل والربط فى عالم آخر بعيد، بعيد.. ربما لأنهم يمسكون «الدفة» وأمامهم خريطة، وبوصلة، وشايفين وعارفين ومطمئنين إلى أين نحن ذاهبون.. ولهذا تجدهم راسيين وغير قلقين.. وهذا ما نتمناه، وأملنا ألا يكونوا مثلنا ضاربين لخمة، وغارقنين فى شبر ميه،

وفاقدين للاتجاه الصحيح.. لأنه لو كان كذلك فقد أفقدوا مصر والمصريين «الفرصة التاريخية» المتاحة لنقل مصر من الفناء إلى الرخاء.. وكل هذا يستدعى، ويجبر المسؤول الأول أن يخرج خلال ٧٢ ساعة ليتحدث، ويشرح، ويجيب، بإسهاب، وبصراحة مطلقة، وبشفافية حقيقية، ليعيد لنا «الثقة» التى افتقدناها، «والأمل» الذى نتمسك به.. والكرة الآن فى ملعب سيادة المشير، فليتفضل قبل أن تقع الفاس فى الراس!

ملحوظة: اتصلت بصديقنا الأستاذ أسامة هيكل ليطلب من سيادة المشير أن يتحدث إلى الشعب خلال هذا الأسبوع كما اتصلت بمكتب سيادته وطلبت إبلاغه بأن الشعب ينتظر خطاباً منه يطمئننا ويضع النقاط على الحروف، فهل سيحدث خلال الـ٧٢ ساعة القادمة؟

نقطة أمل:

طول عمرى أراهن على «أحفاد الفراعنة»، الذين يحملون جينات وموروثات الحضارة المصرية العريقة، بأنهم على قدر المسؤولية إذا تعرض الوطن للخطر.. وهاهم مرشحو الرئاسة، وممثلو الأحزاب والقوى السياسية يجتمعون على قلب رجل واحد، يعترضون على طريقة المجلس العسكرى فى إدارة شؤون البلاد،

ويعلقون ترشيحهم، ويوقفون مشاركتهم فى هذه التمثيلية الهزلية.. وطول عمرى كنت أرى أن أحد أسباب قوة إسرائيل.. أنهم يختلفون ويتعاركون بينهم وبين بعضهم فى أى انتخابات..

ولكن إذا تعرض بلدهم لأى خطر تجدهم «إيد واحدة».. اليوم أصبحنا أيضاً «إيد واحدة» مع مصر.. وهذا ما يجعلنى أراهن، وأطمئن على المستقبل، رغم كل المطبات، ورغم كل «الكومبينات» لأن مصر فعلاً «محروسة»!

french_group@hotmail.com